دور المستشار التربوي أو مربي الصف في إدارة الضغط أو التوتر الصفي
بشكل عام إن مبادئ علاج الضغط الناتج عن التوتر والتأزم عن أحداث عامة كتلك التي تنشأ مثلاً عند اندلاع حريق في المدرسة أو انهيار جدار وإصابة بعض الأطفال وما الى ذلك من الأحداث المفاجئة، أو تلك التي لها علاقة بالوضع السياسي والعسكري والعنصري القائم في مجتمعنا هي نفس المبادئ، بالرغم من وجود خصائص موجودة في التأزمات الناتجة عن الحرب والعنصرية، غير موجودة في التأزمات الناتجة عن الأحداث العامة.
فالاختلاف المركزي هنا هو أن الأشخاص الذين يتعرضون للنوع الثاني من الأزمات ينكشفون الى مخاوف وتوترات ومواقف لا واعية في المستوى الفردي وكذلك في المستوى الجمعي. والعلاقة بين هذين المستويين وارتباطهما ببعضهما البعض يؤخذ بعين الاعتبار في تحديد المخاوف وطرق التدخل لاحقاً.
في الأحداث من النوع العام نرى هناك نوعاً من الموضوعية “الممكنة” عند المستشار أو المعلم أو الأخصائي النفسي في التعامل معها، ولكن في الأحداث من النوع الثاني تصبح العملية أصعب لأن الأخصائي النفسي أو المستشار التربوي أو المرشد أو المعلم هم جزء من المجموعة العرقية المعرضة لنفس الحدث ولديهم نفس المخاوف وإن اختلفت الحدة.
مبادئ التدخل المهني:
1. التدخل وقت الحدث: إن الأزمة التي يمر بها الطالب تعني تعرض “تنظيم الشخصية” الى خلل وتشويش. فكلما كان التدخل سريعاً هكذا تزيد الاحتمالات في مساعدة الفرد في إعادة تنظيم شخصيته في اتجاه صحيح نفسياً. إن التدخل السريع يساعد الفرد في تكيفه وتعامله مع المشاعر الأولية المترسبة في المستوى الفردي والجمعي والتي تظهر لديه بعد تعرضه للأزمة ( العدوانية والقلق والذعر). هذه المشاعر إن لم يتم التطرق اليها والعمل على تشكيلها وتوجيهها بما يتلاءم والصحة النفسية فإنها سوف تتكاثف وترتبط بصور مختلفة وغير صحية في التنظيم الجديد اللاواعي الذي يقوم به الفرد لشخصيته لكي يستطيع التكيف مع متطلبات الحياة. يجب أن نعلم بأن الشخصية تتشكل وتتنظم من جديد بعد أي أزمة سواء بتدخلنا أو بدونه… والسؤال المهم هنا هو ” كيف تتنظم الشخصية بعد الحدث، وفي أي اتجاه؟” ” ماذا عن المشاعر التي ظهرت فجأة ولم يتم التطرق اليها والتعامل معها وإعادة صياغتها في سيناريو يتلائم والرواية الشخصية للفرد والمجموعة؟”
2. الجرأة والاستعلاء فوق الحدث: كما قلنا سابقاً فإن المعالج والضحية هنا يتشاركان في قاسم مشترك وهو كونهم ينتسبان لنفس العرق المهدد، ولذا فإن مشاعر تستفيض عند الطرفين يجب التنبه لها وتحديدها والتعامل معها بما يلائم المبادئ العلاجية السليمة. إن المشاعر العدائية التي تظهر لدى الأطفال المعرضين للحدث تظهر غالباً بصورة ” التظاهر بالقوة والشجاعة” ولكنها تعبر حقيقة عن القلق والذعر والخوف. وإذا ما أظهر المعالج المشاعر الحقيقية لديه فإنه سوف يظهر بمظهر الخائف والضعيف. ولذا فالمطلوب هنا من المعالج إظهار القوة والشجاعة (غير الحقيقيين) والتمركز في احتياجات الطلاب ومشاعرهم.
من المهم إجراء debriefing (استجواب وتفريغ) لمشاعر الطاقم الذي قام بالتدخل والتحدث عن المشاعر التي ظهرت. بشكل عام لقاء كهذا يجب أن يتم بوجود أخصائي نفسي مهني مختص بالعمل في هذا المجال.
3. أهمية تلبية الأولويات في الاحتياجات: عندما نتدخل لمعالجة حدث ما فإننا يجب وضع أولويات تتلائم وسلم الاحتياجات الطبيعي للمصابين: (الطعام، الدفء الجسدي، إعطاء الشعور بالأمن والدعم والقرب من قبل الأخصائيين والمعلمين وغيرهم). في هذا الوقت لا يجب العمل على معالجة الحدث بشكل إدراكي وعقلاني. كذلك يجب أن نتعامل مع العبارات الناتجة عن مشاعر نفسية (مثل أريد أن أفجر، أريد أن أنتقم لأخي، أريد أن أموت …) على المستوى المشاعري بلا نقاش وحوار عقلاني لهذه العبارات.
4. الانتقال الى معالجة الحدث: كما ذكر سابقاً يجب الانتقال الى هذه المرحلة بأسرع ما يمكن حتى لا نعطي للطالب فرصة لترتيب وتنظيم شخصيته بدون معالجة المشاعر التي ظهرت. من المفضل بناء رواية مع المعرضين للحدث تسمح لإجراء حوار حول الحدث نفسه والمجالات الحياتية الأوسع في حياتهم. عند بناء الرواية يجب الانتباه الى بعض القضايا مثل (كيفية التعامل مع مشاعر العدوانية الداخلية التي نشأت، دور الضحية، أنماط شخصية مختلفة للتكيف مع الحدث، الشجاعة والارتقاء فوق المشاعر الحقيقية وما الى ذلك). هذه المرحلة يمكن أن تطول وهي تتشابه أحياناً مع مراحل التدخل في حالات Post Traumatic .
5. المستوى المجتمعي: إن إشراك أجسام مجتمعية في بناء الرواية الجديدة، وكذلك دمج الرواية الفردية وعدم فصلها عن الرواية الجماعية يساهم في تأقلم الشخص بصورة أسهل مع الحدث. على المعالج إذاً استخدام الرواية الجمعية في عملية التدخل
العوامل النفس جسمية التي يمكن أن تظهر لدى الأطفال في حالة نشوب أزمات:
· العوامل النفس جسمية ( القلق- التوتر- التبول اللاإرادي- العرق الزائد- عدم الشعور ببعض أعضاء الجسم..)
· صعوبة التذكر – صعوبة التركيز في القيام في الفعاليات – التمركز حول الذات – صعوبات إدراكية تعيق فهم وتفسير الأحداث ( الأنانية، الذاتية، النمطية في التفكير…).
· الحركة الزائدة المرتبطة بقلة التركيز في وقت الحدث، العنف الجسدي- العنف الكلامي، التشتت الدائم، عدم تحمل المواقف المحبطة، سهولة الاستفزاز.
· ظواهر جسدية – ظواهر مزاجية – تغير مفاجئ في التصرف…
· تراجع في الأداء الدراسي – تحول في العلاقات مع أبناء نفس الجيل – تغير في العلاقة مع البالغين – قلة الاعتناء بالذات من ناحية المظهر الخارجي …).
الاسترخاء كطريقة للتعامل مع تخفيف الضغط الناشئ عن الأحداث:
بشكل عام تسبب الأحداث التي نمر بها اضطرابات جسمية تؤثر بالضرورة على وضعنا النفسي وبالعكس. فاضطرابات في مجرى التنفس وخلل في أداء الجهاز العضلي هما صورتان للجسم تعبران عن تأزم نفسي غالباً، ولذا فإن الاسترخاء يهدف الى إعادة أداء الجهاز التنفسي بشكل صحيح وكذلك يهدف الى إعطاء فرصة للجسم للتخفيف من الشد العضلي الناتج عن التأهب والتوتر المزمن الذي يتعرض له.
هناك الكثير من التدريبات التي نستطيع القيام بها للوصول الى استرخاء وزيادة القدرة على التركيز ومن هذه التدريبات على سبيل المثال، “التنفس الأرنبي”: هنا على الشخص الجلوس بجلسة شرقية أو استناداً الى شئ ما ورفع الرأس بشكل زاوية قائمة ومن ثم إجرا تنفس سريع من الفم (ووب – بو ) بشكل سريع بهدف إدخال كمية كبيرة من الاوكسجين الى الجسم ( يشعر المشارك في بداية الأمر بالدوران قليلاً ولكن يشعر بعد ذلك بزيادة نشاطه وقدرته على التركيز).