السياسات التعليمية في دول الخليج العربي
لا تزال الدراسات الحديثة عن صناعة السياسة تشير إلى قلة الفائدة من البحث، على الرغم من توافر كم ضخم من البيانات لدى الوزارات، إلا أن تلك البيانات قلما تستخدم في صياغة السياسة أو مراجعة الميزانية، إذ يرجع فشل السياسات والخطط إلى عدم القيام بتحليل الاحتياجات من الموارد، وأيضاً واضعوا السياسات لا يبحثون قدرة المنفذين ولا مدى استعدادهم لتنفيذ خططهم.
إن المخاوف الناتجة عن قلة استخدام الأبحاث من جاني واضعي السياسات ليس بالشيء الجديد ولا تقتصر على مجال التربية، ففي أوائل الخمسينات، كانت شكاوي بأن رجال السياسة نادرا ما يفيدون من المعرفة الموضوعية التي تصدر عن العلماء، ولكنه ازدهر بعد ذلك العمل البحثي في الستينات وتوسع في السبعينات والثمانينيات، بل أدى إلى صدور صحف دورية متخصصة.
سياسة التربية والتعليم في أي دولة إذا أراد صانعوها أن تتحقق ولا تكون حبراً على ورق فلا بد أن تكون سياستهم منسجمة مع العادات والتقاليد لكي يتقبلها الأفراد والمجتمع، ولا بد أن تتحول إلى منظومة إجرائية يمكن تحقيقها والعمل بها ، لأنها مقياس نجاح أي نظام أو أي قرار في أي جانب من الجوانب .( الخزرجي،2000)
إن مهمة التربية والتعليم لا تنتهي بمجرد نقل المعلومة للطالب بل تمتد أشواطاً بعد ذلك ليتفاعل معها الطالب ويستفيد منها في واقع الحياة وتسهم في تكوين شخصيته وبناءها بناء سليماً، وهذا لا يكون إلا من خلال سياسة تربوية تعليمية ناجحة يتعرض لها الفرد وتطبق في المجتمع وتتعاون مؤسسات المجتمع ككل في تنفيذ هذه السياسة.(رضا ،1990)
سوف يتم الحديث عن السياسات التربوية المتبعة في دول الخليج العربي، التي كانت تعاني من الاستعمار البريطاني حتى مطلع السبعينات، إذ كان من مجمل المهام الصعبة التي واجهت المجتمعات العربية الخليجية هي ممارسة فكرة الدولة بمعناها العضوي، وأصبحت تثقل عليها تبعات المسؤولية ، إذ أصبحت تتعامل مع التعليم(وهي ليست الوحيدة) على أنه أعطية يجب أن تصل إلى أصحابها، بل أن المواطن الخليجي، يعمل على وضع مسؤولية من ينجبه على عاتق الدولة، إذاً ليس غريباً أن يتكرر الحديث في المجتمعات الخليجية عن التعليم على أنه إنجاز حكومي، وعلى الحكومة أن تدرك وليس المواطن أن الإنسان هو مفتاح النهضة الحديثة، التي يتطلع المجتمع إلى تحقيقها ، لذلك تركز الحكومات على تطوير القوى العاملة البشرية في خططها التنموية في إطار الحفاظ على القيم العربية الإسلامية، وتحرص على تحسين تفاعل نظام التعليم مع احتياجات التنمية. (رضا ،1990)
لا أحد يماري في ترحاب الحكومات الخليجية بحمل هذا الواجب ليس عن رضا وطيب خاطر وحسب بل وبحماس عالي الصوت، ولكن تفويض هذا الواجب برمته إلى الأجهزة الحكومية أيا كانت نواياها الحسنة تنتج رؤية سياسية غائبة لا تضمن توافقها مع الحقيقة الاجتماعية ومتطلبات تقدم هذا المجتمع، فليس واجب التربية الأوحد المحافظة على القيم ، وليس واجب التربية تطوير القوى البشرية لتلائم خطط التنمية ، وانما واجبها زرع الإنسان المنتج في الدولة وترك الحرية له في اختيار مجال إنتاجه والى إعادة القوة الاجتماعية وتوازنها، وخلص إلى أن للسياسة التعليمية مهام تاريخية ليس في المحافظة ، بل في التغيير، خصوصاً عندما نسّلم بأن فرص التعليم ونوعياته هي تعبيرات واقعية عن كيفية اقتسام القوة الاجتماعية ونظام المشاركة في الخير العام.
[ddownload id=”21427″]
[callout bg=”#1e73be” color=”#ffffff” font=”0″ bt_content=”إعداد” bt_pos=”right” bt_style=”undefined” bt_color=”blue” bt_font=”0″ bt_icon=”momizat-icon-tags”] د. رقية عدنان المعايطة جامعة الملك سعود[/callout]