“العين الحمرا” وسيلة لوضع الحدود وتعديل سلوك طالب ذو ADHD
بقلم: سهير حسنين : يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:”يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك”.صدق الله العظيم
شاءت إرادة الله وحكمته أن يكون بيننا في المجتمع عدد من غير القادرين، في أي صورة من صور العجز العقلي أو النفسي أو الحسي أو الحركي…
والسؤال الذي يطرح: ماذا نحن فاعلون بهم؟ هل نتخلص منهم ونسدل الستار ؟
أم نعيش معهم بعجزهم ونساعدهم على التطور قدر الإمكان وتحريرهم من قيود إعاقتهم؟
إن من المسلمات التربوية أن لكل طفل الحق في الحصول على تربية لا فرق بذلك بين سوي ومعاق، مع اختلاف التقنيات اللازمة للمساعدة التي تقدم لكل طفل على حدة حسب نوعية الطفل ودرجة إعاقته.
وفي مذكرتي هذه سأركز على أسلوب في التربية شاهدته أثناء مشاهداتي في مدرسة النور في وادي الجوز، وسأحاول نقاشه واقتراح الطرق البديلة له.
في اليوم الأول لمشاهدتي لفت انتباهي هذا الطفل الذي يظهر طفلاً عادياً. وليس هناك أي دليل خارجي يدل على وجود مشكلة , إنه يمشي – يسمع – يرى بشكل طبيعي، كان هادئاً نظراته تتفحص الزوار الجدد في الصف، وقد عرفته المعلمة على أنه طالب صعب.
وتدريجياً بدأت ألاحظ ضعف قدرته في السيطرة على نفسه وضعف إرادته في تأجيل رغباته… وتساءلت عن سبب ذلك , لماذا ذاك الطفل يمكنه الجلوس بهدوء وسلام مع نفسه بينما هذا الطالب لا يمكنه وتبدو عليه الاندفاعية وعلامات الغضب والعنف وكأن شيئاً ما يضايقه.
وتعجز المعلمة عن ضبطه فتلجأ إلى الصراخ في وجهه وعقابه بواسطة حرمانه من مهمة معينة وتهديده بحرمانه من أشياء يحبها , وحتى لدرجة حرمانه من حاجاته الأساسية كالطعام.
وعندما سألت المعلمة عن مدى نجاعة هذا الأسلوب مع هذا الطالب الذي يدعي محمد أجابتني: – “محمد ما بيجي معه إلا العين الحمرا ، هو هيك إذا بدّلعي بنجلِق، هاي أحسن طريقة عشان تعاقبيه”. وقد قامت المساعدة بتأكيد أقوالها.
هذه اللغة التي استعملتها المعلمة كانت مهمة جداً ساعدتني على استيعاب رؤية المعلمة والمساعدة وفهمهم في التعامل مع هذا الطالب، فعندما قالت أن هذه هي أفضل طريقة لعقاب محمد تساءلت: لماذا العقاب؟ وكأنهما عنيتا أن العقاب هدف تريدان تحقيقه وكانتا في بحث حول أفضل الطرق لعقاب الطالب.
ربما كان هدف المعلمة والمساعدة هو تقويم أو تعديل سلوك الطالب وليس عقابه لكن استعمالهن لهذه الكلمة وبهذه النبرة دل على عدم خبرتهن في تعديل السلوك وكما ودل على فهم معين حسب رأيي خاطئ، وحسب هذا الفهم فإن العقاب اعتبر الوسيلة لتقويم وتعديل السلوك لا بل والوسيلة الأساسية والأولى. وفي بحثهما لتنفيذ “العقاب” وجدتا أن الحرمان الطريقة الناجعة فكانت تهدد الطالب قائلة: “فش إلك غدا، ما في إشي حلو” عدا عن قولها محوربتك ما تحكي معي”.
قد يكون الطفل محروم خارج المدرسة … ولن يتغير عليه الوضع إن حرمناه داخل المدرسة أيضا . ولكن :
· هل هذا عمل مميز يميز المدرس عن البالغين الآخرين في حياة الطفل ؟
· هل هذا الأسلوب صحي وصحيح؟
· وهل الحرمان أداة شرعية؟ خاصة وانه أسلوب أصبح شيوعه كثيراً,بعد أن اثبت أن الضرب وسيلة تربوية فاشلة.
حسب تقويم الدكتور مصالحة للحرمان فإن الحرمان الذي اتبعته المعلمة يقسم إلى نوعان:
1. حرمان عاطفي: حيث أنها قامت بمقاطعة محمد كعقاب له بقولها ” انا محوربتك”.
هذا الحرمان يؤدي إلى شعور الطفل بأنه غير محبوب وانه مرفوض .
ويضيف قائلا :”يعتبر الرفض العاطفي من أصعب الأحاسيس التي يشعر بها الطفل”. (مصالحة، 2002): ص151.
وهذا الحرمان أيضاً يجعل الطالب يؤمن أن المعلمة لا تحبه هو لمجرد كونه محمد، بل حبها له وتقبلها مشروط بتصرفاته وعندما يخطئ في تصرفه فإن حبها له وتقبلها له يتوقف وكأن الحب مرهون بسلوكه وليس بشخصه.
لذلك هذا الأسلوب في التربية خاطئ ويضر أكثر مما يفيد.
كان يجب المعلمة “إحتواءه” أي أن تشعره بأنها تحبه وتقبله حتى ولو أساء التصرف لكن ألا تتنازل عن موقعها بان ما فعله غير مقبول.
2. الحرمان الثاني الذي استخدم مع محمد حسب تقسيم مصالحة هو الحرمان المادي حيث قامت المعلمة بتهديد محمد بحرمانه من الطعام، والحرمان المادي يلتقي بأبعاد سلبية مع كل ما ذكر بالنسبة للحرمان العاطفي. (مصالحة، 2002).
ولكني أعتقد بأنه أسوء من الحرمان العاطفي إذ ما العلاقة بين ضربه لأحد طلاب صفه وحرمانه من الطعام؟ الذي يعتبر أهم وأول الاحتياجات الأساسية وحق أساسي للفرد لا حق لأحد سلبه في أي ظرف من الظروف. وحسب القانون لا نستطيع حرمان طفل من الشعور بالأمن والطعام .
وتساءلت هل المعلمة والمساعدة تفهمان السبب وراء السلوك؟ وتفهمان الحاجة التي يلبيها محمد بواسطة هذا السلوك؟
وخاصة أن محمد طالب ذو ADHA حسب تعريف المعلمة له وتحفظي من هذا التعريف !!
وأنا أتناقض مع المعلمة والمساعدة في وجهة نظرهم هذا بخصوص أسلوب التربية المتبع مع محمد لتعديل سلوكه ووضع الحدود له.
وكما يقول (ראסל ברקלי راسل براكلي ) في كتابه (לשלוט ב ADHD السيطرة على ADHD : إن احتياج طالب ADHD إلى الدفاع عنه ودعمه وحبه وفهمه والاهتمام به ورعايته تستتر خلف جبهة التصرفات المبالغ بها والتي قد تثير الأعصاب أحيانا “. (ברקלי, 1998,: עמ’ 15).
وأسلوب المعلمة “العين الحمرا” أسلوب لا يناسب محمد ولا أي طالب آخر، العقاب بشكل مستمر وإعطاء الملاحظات يؤدي إلى الإحباط والشعور بالفشل والعجز.
الحدود مطلوب والحزم أحياناً لا بد منه ومحمد بحاجة إلى حدود وضوابط.
ولكن ما هي الحدود ولماذا هي مهمة؟
يقول د. مصالحة : ” أن الحدود تعني بأن يكون باستطاعة المربي منع الطفل من ممارسة أي سلوك فيه ضرر لنفسه أو لغيره أو تخريب أي غرض في محيطه .” مصالحة (2002): ص145.
هذا الحد يحمي الطفل ويضمن سلامته الجسمية ويحميه على المستوى النفسي أيضاً، والحماية النفسية تعني حماية الطفل من غرائزه ودوافعه العدوانية، وان وضع الحد يمنح الطفل إحساساً بالسيطرة والطمأنينة والوضوح، وعكس ذلك أي عدم وضع الحدود يعني أن يكون الطفل مغموراً بدوافع الغضب والعدوانية والعنف لدرجة الإحساس بالفوضى في داخله ومن ثم الخوف والاضطراب وعدم الأمان. مصالحة (2002).
ويمكن أن يكون هذا هو تفسير سبب صفع محمد لزميلتي المتدربة على وجهها وركلها في رجله بالرغم من عدم حدوث أي احتكاك بينهم .
حب استطلاع ودافعية محمد الزائدة دفعته للصعود على ظهر الطاولة. لفحص لوحة الإيضاح الأمر الذي هدد على تخريب اللوحة، فأمرته المساعدة بالنزول وانشغلت مع طالب آخر وفجأة قام بتوجيه صفعة لزميلتي وعندما حاولت إمساكه ركلها برجله، وعندها ابتعدت عنه .
ردة الفعل هذه فاجأتنا أنا وزميلتي كثيراً ووقفنا عاجزات عن الفهم والتصرف، مربية الصف لم تكن موجودة والمساعدة تجنبت الموقف وكأنها غير موجودة، وما كان لزميلتي سوى أن تتوجه إليه قائلةً :”محمد ليش عملت هيك ؟ ” .
توجيه سؤال كهذا للطالب ليس له معنى حسب نظري محمد بنفسه لا يدري لماذا فعل ذلك.
كان يجب أن تمسكه بطريقة Holding حتى تمنع أن يؤذيها ثم تقول له ما فعله خطأ في نفس اللحظة وبشكل مباشر.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا محمد صفع الزميلة؟
ويمكن تفسير ذلك بعدة احتمالات:
1. محمد أراد أن يلبي غريزته ويفحص اللوحة وعندما أمرته المساعدة بالنزول لم تلبى غريزته، وبما أن الأسلوب الذي يتبع في التعامل معه هو العقاب، وبسبب عدم وضوح الحدود مسبقاً، غمر محمد بدوافع الغضب لدرجة الإحساس بالفوضى في داخله ومن ثم الخوف والاضطراب وعدم الأمان هذا الشعور عبر عنه بصفعة لطمها على وجه زميلتي بما أنها كانت الأقرب إليه.
وكان يمكن تفادي ذلك لو أن المساعدة أعطت محمد الاهتمام اللازم وساعدته في التعرف على اللوحة وتلبية احتياجاته ثم أعادتها مكانها.
وهنا أتحدث عن عدم تحمل الإحباط الذي بدوره يولد العنف .
2. السبب الثاني المحتمل ناتج عن إهمالهم له في الحصص السابقة ومحاولة الدائمة لكبته وتوجيه الملاحظات له بشكل مستمر الأمر الذي أدى أيضاً إلى شعوره بالغضب بالإضافة إلى الكبت الذي فرغه بهذه الطريقة
3. والتفسير الثالث ممكن أن تكون هذه الصفعة مجرد محاولة للفت الانتباه إليه، وكأنه يقول ها أنا هنا موجود اهتمي بي، ساعديني.
من هنا تنبع الحاجة في وضع برنامج عمل خاص لمحمد لتعديل سلوكه يختلف كلياً عن برنامج “العين الحمرا”.
وعندما دخلت المعلمة الى الصف وأخبرناها بما حدث توجهت إلى محمد مؤنبة له فبدأ بركلها هي الأخرى فبادلته الركل قائلة “تضربني بضربك” “طبعاً ركلاً خفيف”.
وعندها هدأ محمد.
ما فعلته المعلمة في توضيح الخطأ الذي قام به وان تصرفه هذا غير مقبول من وجهة نظري خطوة سليمة ولكن ليس بطريقة الصراخ بل بطريقة الاحتواء ومحاولة فهم السبب.
فالطفل لا يكتسب الأمور الحقيقية من خلال الشرح والموعظة بل من خلال المشاهدة والتقمص، ومن العوامل التي تجعل الطفل يهيش في صراع هو عندما يدرك تناقضاً في الرسائل التي تصله. فعندما بادلت محمد الركل له بنفس التصرف هذا الحدث غاية التناقض، تضريه لأنه يضرب , من يمثل القيم يعمل غير ذلك.
ولكن لماذا محمد هدأ بالرغم من أن ردة الفعل المتوقعة على تصرف المعلمة هو الغضب؟ هل شعر بالخوف؟ أم أن هناك سبب آخر؟ (الاجابة على هذا السؤال سوف يظهر في السياق).
سؤال آخر كبير يطرح نفسه “إذا كان الضرب بأشكاله أثبت أنه غير نافع في التربية وغير مقبول ومضر كذلك الأمر بالنسبة للحرمان بأنواعه، ومهم جداً أن نضع الحدود، فما العمل إذن؟
يقول د. مصالحة انه في وضع الحدود يجب مراعاة العديد من الأمور
· أولها الحزم والمربي الذي يتراجع عن موقفه أمام تهديد الطفل لن يستطيع أن يكون حازماً وسيكون دائماً في موقف ضعف وعاجز عن وضع الحدود لان الطفل سيحاول دائماً استعمال وسائل الضغط على المعلم للتنازل عن موقفه.
· والثبات والاستمرارية في وضع الحدود للطفل هما الضمان لتذويت هذه الحدود في شخصية الطفل وليستعملها كأداة داخلية تلقائية غير متعلقة بحضور المربي جسمياً.
ولكن في وضع محمد فإن الثبات غير موجود فالمعلمة تضع له الحدود بأسلوب العين الحمرا والأهل يعاقبونه “كما أخبرتني المعلمة” بواسطة حبسه في الغرفة.
بالنسبة للمعلمة يمكن إظهار خطأ أسلوبها من خلال مشاهدتها لأسلوب آخر في التربية أما مسألة دمج الأهل هنا فله أهمية كبيرة.
ويكمل مصالحة قائلاً: ” من أجل أن يقبل الطفل حدود المربي يجب أن يكون
· مقتنعاً في داخله أن المربي يحبه ومن يحترم الطفل بحق وينصت لضائقته وآلامه هو الذي يملك القوة على وضع الحدود للطفل. “
· ويجب أن تكون الحدود أيضا واضحة وقوية وحازمة والسيطرة على وضبطه بشكل غير عنيف في الحالات الطارئة (Holding) والتكلم معه بشكل مستمر أثناء السيطرة عليه وضبطه، محتوى الحديث معه يكون محوره بأنني لا أهدف لإيذائك فقط نريدك أن تهدأ حاول أن تهدأ.
· وعندما نضع الحد يجب أن نوضح الأسباب بشكل كلامي وبعد أن نفرض رأينا وإرادتنا يجب نقاش ما حصل وإعطاء الفرصة للطفل للتعبير عن مشاعره وربما غضبه.
· وهناك عامل آخر في غاية الأهمية يتعلق بوضع الحدود للطفل وهو فهم ما وراء السلوك الظاهر عند الطفل، وقد تحتاج أحياناً لفهم مهني. (مصالحة، 2002).
ووضعية محمد بحاجة ماسة إلى فهم مهني فبعد التعرف عليه من خلال المشاهدات، توجهت إلى الوثائق الرسمية “ملف الطالب” للتعرف على محمد أكثر، وهناك عرف محمد أنه “طفل ذو احتياجات خاصة يعاني من تخلف عقلي متوسط – عميق، وحركة زائدة وصعوبات في الإصغاء والتركيز ADHD حيث أنه لا يمكنه التركيز لأكثر من دقيقة”.
ومن الجدير ذكره أنه في محاولة لي مع محمد بإرشاد المرشد تمكن محمد من الإصغاء والتركيز لمدة 25 دقيقة وهذا باستعمال التعزيزات بوثيرة كبيرة وبشكل فوري ومباشر.
وهذا النجاح دليل على عدم صلاحية أسلوب العين الحمرا.
ويجب متابعة العمل معه بنفس الأسلوب ولكن قبل البدء بالعمل معه.
ولتفهم سلوكياته كنت بحاجة إلى فهم مهني وتساءلت:
ما هو الـ ADHD؟ما سببه؟ماذا يجب أن نتوقع من الطفل ذو ADHD؟وما هي الطرق المثلى للتعامل معه؟
الطبيب النفسي باركلي Barkley يعرفها على أنها إعاقة تطورية بعجز القدرة على السيطرة الذاتية وتلك الظاهرة مركبة من مجموعة صعوبات، تتعلق بالقدرة على التركيز وبالسيطرة على الدوافع وبدرجة النشاط. (Barkley, 1997).
ويعود السبب إلى سوء أداء الجهاز العصبي المركزي ويشار بالتحديد إلى منطقة الأمامية من الدماغ، حيث تبين أن مجموعة من الخلايا العصبية في القسم الأيمن من المنطقة الأمامية أقل حجماً عند الأطفال الذين يعانون من ظاهرة ADHD (Barkley, 1998).
ومن المتوقع من هؤلاء الطلاب :
1. هو الصعوبة في السيطرة على سلوكهم بسبب ضعف قدرتهم على اختيار الرد الملائم للمثير الأساسي الذي يحدث أمامهم.
2. يستصعب المحافظة على التركيز في المهمات.
3. يبدوا كأنه غير مستمع.
4. لا يمشي حسب التعليمات.
5. لا يجب القيام بمهام تتطلب عمليات ذهنية مركزة.
6. يتشتت بسهولة.
7. يكون عادةً غير محفز للقيام بالمهمات.
8. كثير ما يحرك الطفل يديه وقدمه بشكل مبالغ به وكذلك يتحرك كثيراً في مقعده.
9. اغلب وقته يكون بحركة مستمرة دون كلل.
10. كثيراً ما يغادر مقعده أو مكانه في الموقف الذي يتطلب منه التزام مكانه.
11. .عادةً يواجه صعوبة في الانتظار لدوره داخل المجموعة.
12. أحياناً ترافقهم صعوبات أخرى كالصعوبات التعليمية، والاضطرابات العاطفية وميلهم نحو العنف، ظاهرة توريت، التي تتميز بالقيام بحركات وجه غير إرادية من خلال العينين والوجنتين أو تكرار أصوات غير إرادية – المقاومة العنيدة . (زياد، )
أما ברקלי براكلي في كتابه לשלוט ב ADHD السيطرة على ADHD يضع عدة أسس للتعامل مع طفل ADHD:
1.توفير تغذية راجعة فورية مع التفسير.
2. توفير تغذية راجعة وبوثيرة كبيرة.
3. ردود فعل واضحة وشديدة نسبياً للأطفال الآخرين لتشجيعه على القيام بعمل معين.
4. التشجيع قبل العقاب: بسبب كثرة تعرض طفل الـ ADHD لمواقف سلبية يمكن أن يعاقب عليها من قبل الأشخاص الذين لا يفهمون ماهية أعاقته، تكمن الحاجة في تشجيعه لذلك يجب أولاً تحديد التصرف الذي نريد تعديله، وتحديد بديل إيجابي له ونشرح للطالب ماذا نتوقع منه وعلى ماذا سيحصل إن لبى طلبه وعندما يحدث التصرف يتم عطاءه المقابل الملائم، وفقط بعد أن تم تعزيز التصرف الجديد ومتابعة ثابتة وتشجيعه بواسطة التعزيزات للاستمرار يمكن عقابه على التصرف المناقض وذلك عن طريق منعه من نقطة معينة في برنامج تجميع النقاط، ويجب الاهتمام بأن يكون له عقاب واحد مقابل 7 تعزيزات، وأن يكون الخصم في النقاط لهدف سلبي واحد معين وليس كل التصرفات
5. المتابعة في نهج التعامل.
6. الأوامر والقوانين يجب أن تكون واضحة وقصيرة وأن تكون محسوسة قدر الإمكان بواسطة وسائل تذكير بصرية كالصور فإنه من غير المجدي أن يعتمد على ذاكرة الطفل وعلى تذكير كلامي ويجب تشجيع الطفل على إعادة ذكر الأوامر بصوت عالي ومتى أن يرددها أثناء تنفيذها.
7. التنويع في التعزيزات والجوائز بشكل مستمر.
أن يتعلم المعلم الصفح والسماح وأن لا يحول مشاكل الطالب إلى مشاكل خصوصية بل يجب أن يفهم بأنه ليس هو المقصود بالتصرف ברקלי (1998).
وبعد أن أثار محمد فضولي من زيارتي الأولى أخذت قراراً للعمل الفردي معه، لأني رأيت مدى حاجته إلى مثل هذا الإطار وكنت متحمسة جداً، ولكن بعد عدة مشاهدات والعمل مع محمد في عدة دروس قمت بتنفيذها وإعطائه الاهتمام المناسب والعمل بأسلوب التعزيزات ظهر بعض التقدم في سلوك محمد، وكان هذا تعزيزاً كبيراً لي على جهودي بالإضافة إلى الملاحظات التي تلقيتها من قبل معلمين آخرين في المدرسة على التطور الذي حصل في سلوك محمد .
ولكن في مرحلة من المراحل أظهر محمد تراجعاً في سلوكه ولم أنجح في السيطرة عليه إذ كانت هناك محاولة من قبله لاحتكاري , ففي كل مرة عززت طالباً آخر غضب وضربه ورفض تنفيذ المهمة المطلوبة منه، وحاولت تحفيزه بواسطة التعزيزات لكن بدون فائدة في وقت استراحتي منعني من الخروج بواسطة تشبثه بشكل قوي بملابسي، وفقط بمساعدة المعلمة تمكنت من الإفلات وطبعاً كان أسلوب المعلمة ذاته وخصوصاً بعد أن شاهدت بأن أسلوبي أنا لم ينجح هذه المرة.
وعندها شعرت ببلبلة وغضب وحزن وقلق وخوف وعجز وتساءلت : ما سبب التراجع في سلوك محمد؟ من أين نبع هذا السلوك؟ وما هي الحاجة التي يلبيها بواسطته؟
وبدأت بالبحث عن أجوبة وإرشاد؟
ولكن بعد التفكير في الأمر فهمت بان ما قام به محمد هو محاولة لفحص الحدود معي، وفحصي أنا شخصياً . من هذه التي دخلت عالمه وغيرت واقعه وتتعامل معه بأسلوب لا يعرفه ، وتهتم به وهو الذي واقعه مبني على أساس أن البالغ لا يحضر معه أي شيء إيجابي.
بناءاً على تجربته مع المعلمة وأهله. وكانت هذه محاولة من قبله للرجوع إلى واقعه بالرغم من انه واقع سلبي ولكن الإيجابية في العودة هي انه قد اعتاد على هذا الواقع وهذا مريح بالنسبة له.
وعندما عاملته المعلمة بنفس الأسلوب القديم بالفعل هدأ لأنه عاد إلى واقعه وعندها شعر بالراحة.
ويمكن تغيير واقع محمد هذا بواسطة المتابعة والثبات في أسلوبي وجعله يغير نظرته بالنسبة للبالغين.
وهكذا وجدت جواب لحيرتي ولكن كان لا بد من مرشد يفسر لي سبب عجزي ويبدد خوفي وبعطيني نصائح وإرشاد في تعديل السلوك وكم شعرت حينها بنقص موجود في مبنى القسم العربي في الكلية موضوع مهم كهذا “تعديل السلوك” مشكلة تواجه كل المتدربين ولا نعرف عنه شيئاً وغير موجود أي مساق كهذا في القسم يمكن الاستفادة منه، فلم يكن سوى مرشدي فتوجهت إليه وقام بإرشادي وأدخل بعض النظام في داخلي وأعاد لي أيماني بهدفي وإصراري على المتابعة فبمساعدته فهمت أنه في دالة لتعديل السلوك لا يوجد ارتفاع مستمر بل يوجد ارتفاع وهبوط ولكن في الدالة التي تتصاعد وتتنازل تدل على ارتفاع مستمر. لذلك يجب ملائمة التوقعات والاستمرار قدماً رغم االتراجع في بعض الأحيان.
كما ويجب ترتيب الأسلوب الذي سأتبعه مع محمد لذلك سأقوم أولاً بمشاهدة خاصة على محمد تبين تصرفاته سببها ونتيجتها وهكذا يمكنني دراسة تصرفات محمد ومحاولة تعديلها ووضع البدائل المناسبة لها.
كذلك يجب بناء جهاز تعزيزات خاص لمحمد، وإشراكه في وضع الخطة، وصنع اتفاقية مشتركة بيننا وألا أسمح بملاحظات الآخرين بإحباطي، والاستمرار قدماً في نفس الأسلوب الذي عدله لي المرشد وهو:
1. تعديل السلوك المرغوب فيه بمعدل 1-7 أي على كل عقاب 7 تعزيزات إيجابية.
2. إعطاء تعزيز على كل سلوك مرغوب فيه ما عدا السلوك الغير مرغوب فيه.
3. تجاهل.
4. Time out مع تفسير وتوضيح بعد انقضاء المدة.
والاستفادة من جميع النقاط التي ذكرت في المذكرة.
وسأنجح إن شاء الله في العمل مع محمد بالرغم من تخوفاتي بسبب الجهد الكبير المطلوب ومن محمد الكبير نسبياً “9 سنوات” إذ انه كلما كبر العقل قلت المرونة في مبنى الشخصية قل احتمال التغيير في أنماط سلوكه هذا بالإضافة إلى كون محمد يعاني من صعوبات في اللغة فهماً ولفظاً الأمر الذي يزيد مهمتي تعقيداً وعدم المتابعة من قبل الأهل.
المصادر:
1. زياد، محمد ( ). اضطرابات الاصغاء والحركة الزائدة والاندفاعية لدى الأولاد ADHD، صدى التربية، العدد ___.
2.مصالحة شفيق، (2002)، الضوابط والحدود في التربية السليمة، مجلة الكرمة، العدد الثالث، القسم العربي، كلية دافيد يلين للتربية / القدس.